يُعد الرد على دعوى فسخ النكاح من الخطوات المهمة في قضايا الأحوال الشخصية، حيث يجب على الزوج تقديم دفوعه النظامية بدقة وفق الأسباب المذكورة في الدعوى، والرد على كل منها بما يدعمه من وقائع وأدلة.
جدول محتويات المقال
الرد على دعوى فسخ النكاح
في حال رفع الزوجة دعوى لفسخ عقد النكاح، فإن على الزوج أن يرد على أسباب الدعوى كلٌ على حدا، وفق ما تقرره الأنظمة، وبما يتوافق مع الوقائع الحقيقية. في هذا السياق، نوضح فيما يلي كيفية الرد على أبرز أسباب دعاوى الفسخ المحتملة:
الرد على دعوى فسخ النكاح القائمة على ادعاء شرب الخمر أو تعاطي المخدرات
على الزوج أن ينظر في سبب الدعوى وما إذا كان قائمًا على دعوى تعاطي مواد محرّمة كالمخدرات أو شرب الخمر، ففي هذه الحالة يجب على الزوجة تقديم دليل قاطع على صحة هذا الادعاء، فـالبينة على من ادعى. فإن لم تثبت الزوجة ذلك ببينة معتبر؛ فإن دعواها تُرد لعدم ثبوت السبب. وهناك تفاصيل أخرى خاصة بهذه الدعوى والرد عليها، حسب الأدلة المقدمة من الزوجة سواء تقرير يثبت التعاطي، أو دعوى جنائية سابقة، فضلًا أن الزوجة قد تتمسك بحكم قضائي صادر سابقًا منتهي، وهو ما يتعين الرد عليه بالدفوع المناسبة.
الرد على دعوى فسخ النكاح القائمة على سبب عدم النفقة
قد تدعي الزوجة أن الزوج لا ينفق عليها، وتطلب الفسخ لهذا السبب، وهنا يشترط منها تقديم الدليل. لكن إن كانت الزوجة ناشزًا (أي ممتنعة عن تمكين نفسها من الزوج، أو من الانتقال إلى بيت الزوجية دون عذر)، فيسقط حقها في النفقة، ومن ثم يسقط سبب الفسخ لعدم وجود ضرر نظامي.
وقد نصت المادة الخامسة والخمسون من نظام الأحوال الشخصية على ما يلي “يسقط حق الزوجة في النفقة إذا منعت نفسها من الزوج، أو امتنعت من الانتقال إلى بيت الزوجية أو المبيت فيه، أو السفر مع الزوج، دون عذر مشروع”.
الرد على دعوى فسخ النكاح القائمة على وجود علة منفّرة أو مضرة
إذا استندت الزوجة في دعوى الفسخ إلى وجود علة صحية أو نفسية في الزوج، فلا بد أن تكون هذه العلة مؤثرة بالفعل لدرجة تمنع المعاشرة الزوجية. وإذا لم تثبت كونها ضارة أو منفّرة بالمعنى النظامي، لا يُعتد بها كسبب للفسخ.
الرد على دعوى فسخ النكاح مع ثبوت علم الزوجة بالعلة ورضاها بها
حتى لو كانت العلة المضرة موجودة، إلا أن الزوج يمكنه إثبات أن الزوجة كانت على علم بها عند العقد، أو علمت بها بعده، ورضيت بها، سواء باللفظ أو بالفعل. وهنا يسقط حقها في الفسخ، ويجب على الزوج تقديم ما يدل على ذلك الرضا، كاستمرار المعاشرة أو التصريح بالقبول أو غيرهما من الأدلة المناسبة.
الرد على دعوى فسخ النكاح إذا كانت العلة سابقة للعقد ولم يحصل دخول أو خلوة
إذا ثبت أن العلة موجودة قبل الزواج، وأنه لم يحصل دخول أو خلوة، فإن الزوجة يجب أن تعيد المهر الذي تسلمته، ويسقط ما بقي منه ولو كان مؤجلاً. [راجع التفاصيل في: شرح المادة 105 من نظام الأحوال الشخصية: متى يسترجع الزوج المهر؟].
وإذا لم تكن دعوى الزوجة مبنية على أسباب واضحة، فالقاضي قد يُحيل النزاع لقسم الخبراء كما سنوضح أدناه.
رأي قسم الخبراء وهل يعتد به القاضي دائمًا
عندما لا تكون دعوى الزوجة قائمة على أسباب معتبرة نظامًا، أو لم تقدم ما يثبتها من الأدلة والقرائن، يقوم القاضي غالبًا بإحالة النزاع إلى قسم الخبراء (أي التحكيم من قبل حكمين من أهل الزوجين، أو من غيرهم). فيما يلي نوضح أبرز النقاط المتعلقة بهذه الحالة حسب ما ورد في نظام الأحوال الشخصية ولائحته التنفيذية:
1) إحالة الزوجين إلى قسم الخبراء في حال تعذر إثبات الضرر: لو لم تكن دعوى الزوجة قائمة على أسباب معتبرة نظامًا، أو لم تقدم ما يثبتها من الأدلة والقرائن؛ فسيحيل القاضي الزوجين لقسم الخبراء للتحكيم بينهما من خلال حكمين. ويتعين هنا على الزوجين حضور الجلسة المحددة أمام الحكمين، وذلك بناءً على ما جاء في نص المادة التاسعة بعد المائة من نظام الأحوال الشخصية. وللتعرف على الخطوات التفصيلية لإجراءات الفسخ، اطلع على [فسخ عقد النكاح: مراحل الدعوى خطوة بخطوة 1446هـ].
2) رأى قسم الخبراء ليس ملزمًا للقاضي: ليس على القاضي أن يأخذ برأي أهل الخبرة، فرأيهما غير ملزم، ولا يؤخذ به إذا لم يكن متفقًا مع الواقع، وللمحكمة بعد اطلاعها على تقرير الحكمين أن تقرر أيّاً مما يلي
- اعتماد رأي الحكمين.
- فسخ عقد الزواج وتقرير ما تراه بشأن العوض.
- وفي جميع الأحوال، لا يُفسخ عقد الزواج على عوض تسلمته الزوجة إلا بموافقتها.
3) مثال من السوابق القضائية على عدم أخذ القاضي برأي الخبراء: ما جاء في القضية رقم (3486983) لعام 1434هـ مخالفة حكم القاضي لما رآه قسم الخبراء، فقد جاء في رأي قسم الخبراء التفريق بين الزوجين دون عوض، إلا أن القاضي فسخ نكاح المدعية من زوجها على عوض، وهو نصف المهر المقبوض. والآن لنستعرض حكم فسخ النكاح بشكل عام كما جاء في النظام.
ماذا بعد رد دعوى فسخ النكاح؟
بعد تقديم الزوج رده على دعوى فسخ النكاح وتفنيد أسبابها بشكل نظامي، تنتظر المحكمة نتائج الجلسات التي تلي ذلك. وفي حال:
- عدم ثبوت الضرر أو السبب المدعى به من الزوجة: تُرفض الدعوى من قبل القاضي لعدم كفاية الأدلة أو عدم تحقق الضرر الموجب للفسخ.
- وجود شك في الوقائع أو ضعف الأدلة: قد يُحيل القاضي النزاع إلى قسم الخبراء (حكمين من أهل الزوجين أو من غيرهم)، لتقييم الوضع بين الطرفين وتقديم تقرير للمحكمة.
- تقرير الخبراء غير ملزم: حتى لو قرر الخبراء التفريق أو رفض الدعوى، يبقى القرار النهائي بيد القاضي، ويمكنه مخالفته إذا لم يقتنع بأسباب التقرير.
- صدور الحكم: إذا صدر الحكم برفض الدعوى، تُحفظ القضية. أما إذا صدر حكم بفسخ النكاح رغم الرد، فيحق للزوج التقدم بـ: استئناف الحكم أو نقضه أمام المحكمة العليا، إذا توفرت أسبابه النظامية.
بهذا نكون قد استعرضنا أبرز طرق الرد على دعوى فسخ النكاح بحسب الأنظمة المعمول بها. وإذا كنت قد تجاوزت هذه المرحلة، فقد تحتاج إلى الاطلاع على مقالنا التالي حول [استئناف ونقض حكم فسخ النكاح] لاستكمال الإجراءات النظامية.
مقالات ذات صلة:
- مقال: [أسئلة القاضي عند فسخ النكاح: 9 أسئلة وإجاباتها.]
- مقال: [فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة في السعودية.]
- مقال: [شرح المادة 103 من نظام الأحوال الشخصية: الفرق بين الطلاق والفسخ].
- مقال: [طريقة فسخ عقد النكاح على تراضي وناجز بالخطوات الكاملة 1446.]
- مقال: [شرح المادة 104 من نظام الأحوال الشخصية: فسخ عقد النكاح للضرر].
- مقال: [نظام الأحوال الشخصية الجديد pdf مع اللائحة لعام 1446].