شرح المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية

شرح المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية

شرح المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية من الموضوعات التي تهم كل متقاضٍ أو متخصص في الشأن القانوني؛ لما تتضمنه من تفصيل وتنظيم للدفوع المؤقتة التي يمكن التمسك بها أمام القاضي.

وفي هذا المقال سنتناول تفصيل ذلك الموضوع بشكل وافي إن شاء الله، ويمكنكم الاطلاع على النظام كامل من موقع وزارة العدل

النص النظامي للمادة 75 من نظام المرافعات الشرعية

تنص المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية على أنه: “الدفع ببطلان صحيفة الدعوى، أو بعدم الاختصاص المكاني، أو بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام النـزاع نفسه أمامها أو لقيام دعوى أخرى مرتبطة بها، يجب إبداؤه قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها”.

شرح المادة 75 من نظام المرافعات الشرعية

تتناول هذه المادة تنظيم ما يسمى بـ”الدفوع المؤقتة“، وهي التي حُدّد لها وقت تقدم فيه وتفوت بمضيه، فتلك الدفوع يكون محلها قبل الجواب على موضوع الدعوى، وقد فهي مغياة بوقت لا تُسمع بعده، وهو قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى.

صور الدفوع المؤقتة

تبين هذه المادة صور الدفوع المؤقتة التي وقت إبدائها قبل الجواب على الدعوى مما يتضمن طلبًا أو دفاعًا، وإلا فات ميعادها ولم تقبل من صاحبها، والدفوع المؤقتة التي يفوت ميعاد الدفع بها بعد الجواب على الدعوى بطلب أو دفاع هي كالتالي:

1- الدفع ببطلان صحيفة الدعوى.

كأن يحصل فيها خطأ في اسم المحكمة المرفوعة إليها الدعوى أو اسم المُدَّعِي أو المُدَّعَى عليه أو عنوانهما، ما لم يمكن تصحيحه، وفي اللائحة (٥/٧٥) أنه : “إذا ظهر للدائرة صحة الدفع ببطلان صحيفة الدعوى فعليها إمهال المدعي لتصحيحها”

أما عدم تحرير الدعوى في الصحيفة فلا يبطلها؛ وفقًا لمفهوم المادة (66) من نظام المرافعات الشرعية، والتي أكدت بأن على القاضي أن يسأل المدعي عما هو لازم لتحرير دعواه قبل استجواب المدعى عليه، وليس له ردها لتحريرها ولا السير فيها قبل ذلك.

٢- الدفع بعدم الاختصاص المكاني.

وذلك كأن تقام الدعوى في غير بلد المدعى عليه، فلا يسمع الدفع بعدم الاختصاص المكاني إلا إذا أبدي قبل أي طلب أو دفاع، فإن تأخر عن ذلك سقط هذا الدفع.

فلو طلب المدعى عليه مهلة للجواب -بعد سماعه للدعوى- أو أجاب على الدعوى أو دفع بعدم القبول، أو أي طلب أو دفاع، ولم يدفع بعدم الاختصاص المكاني؛ سقط حقه في هذا الدفع.

واستمر القاضي في نظر الدعوى في المكان الذي أقيمت فيه، وفي اللائحة (٦/٧٥) المضافة بموجب قرار وزير العدل، رقم (٤٢١) في ١٤٣٩/٢/٢هـ أنه : (إذا دفع بعدم الاختصاص المكاني للمحكمة المرفوعة أمامها الدعوى، فعليها أن تأخذ ممن دفع بعدم الاختصاص المكاني إقرارًا بتحديد مكان إقامته، وتقديم عنوانه الوطني وترفق ذلك بملف القضية).

على أنه متى ساغ السير في الدعوى بغير حضور المدعى عليه، واعتبرنا السير فيها حضوريًا، ثم أجل السير فيها لجلسة أخرى، ثم حضر المدعى عليه ودفع بعدم الاختصاص المكاني فلا يسمع لدفعه؛ لفوات محل الجواب، وقطعًا لكيد المدعى عليه ومماطلته.

3- الدفع بطلب إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام النزاع نفسه أمامها.

والدفع بطلب الإحالة إلى محكمة أخرى يعني أَنْ يُقَرِّر الخصم المدعى عليه أنه سبق رفع الدعوى المرفوعة عليه الآن أمام محكمة أو قاض آخر مختص بالنزاع، ويطلب إحالة هذه الدعوى مع سابقتها لدى المحكمة المرفوعة لديها الدعوى أولًا.

والغرض من هذا الدفع منع المحكمة المرفوعة أمامها القضية ثانيًا من سماعها، وإحالتها إلى المحكمة المرفوعة أمامها أولًا، ويتحقق الدفع بالإحالة متى كانت القضيتان متحدثين في “الموضوع والسبب والخصوم” سواء أكان محل النزاع والطلب واحدًا أم كان جزءًا من أحدهما، فتدخل إحداهما في الثانية ولو رفعت إحداهما بدعوى أصلية والأخرى بطلب عارض.

ولا بد أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة عليها مختصة بسماع النزاع، وأن تكون الخصومة في كل منهما قائمةً، فلو زالت الخصومة في إحداهما لم يصح هذا الدفع، وكذا لو كانت المحكمة المحال إليها غير مختصة، وفي الفقرة الرابعة من اللائحة التنفيذية لهذه المادة أنه: (يشترط أن تكون السابقة قد رفعت المحكمة مختصة).

4- الدفع بطلب إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى مختصة لقيام دعوى أخرى لديها مرتبطة بالدعوى نفسها.

والارتباط بين الدعويين يعني وجود صلة بينهما في السبب أو الموضوع تؤكد جمعهما في دعوى واحدة أمام قاض واحد والحكم فيهما معاً منعاً لتعارض الأحكام، وذلك كأن يطلب أحدهما تنفيذ عقد، والآخر يطلب فسخه.

وقد عرفت الفقرة الثانية من اللائحة التنفيذية لهذه المادة الارتباط في هذه المادة بأنه: (اتصال الدعوى اللاحقة بالسابقة في الموضوع أو السبب، ولا يلزم اتحادهما في المقدار).

فإذا رفع شخص دعوى فدفع المرفوعة عليه الدعوى بأنَّ هذه القضية مرتبطة بالدعوى المرفوعة قَبْلاً لدى محكمة أو قاض آخر، وتحقق القاضي من ذلك لزم إحالتها إلى القاضي أو المحكمة الأولى. والغرض من ضم الدعوى الثانية بالأولى هنا درء تعارض الأحكام في قضية يرتبط بعضها ببعض.

ولا يتحقق الدفع بالإحالة للارتباط إلا مع اتحاد الدعويين في الموضوع أو السبب، وأن تكون المحكمة المحال إليها مختصة بنظر الدعوى.

ومَحَلَّ هذا الدفع يكون قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى، أو دفع بعدم القبول، وإلا فات ميعاد الدفع، وليس معنى فوات ميعاد الدفع أن تسير المحكمتان في نظر القضيتين ولو تحقق الارتباط، بل متى ظهر من الخصومة الارتباط ولم يسمع الدفع بالارتباط من الخصم لفوات ميعاده كان للمحكمة المرفوعة أمامها الدعوى الثانية التوقف عن السير في القضية الفرعية حتى الفصل في القضية الأساس؛ تطبيقًا للمادة (87) هذا نظام المرافعات الشرعية.

والتي تقضي بأن المحكمة إذا رأت تعليق حكمها في موضوع الدعوى على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم، فتأمر بوقف الدعوى.

5- الدفع بالتمسك بالتحكيم.

قد يكون بين الطرفين المتنازعين شرط تحكيم اشترطاه في عقد تم بينهما على تجارة أو غيرها، أو يكونا قد اتفقا على التحكيم قبل أو بعد وقوع النزاع، ففي هذه الحالات إذا تمسك أحد الأطراف بالتحكيم، وجب على المحكمة الاستجابة له، وامتنع عليها قبول الدعوى، ما دام التحكيم صحيحًا مستوفيًا للشروط الشرعية.

وعلى المتمسك بهذا الدفع إبداؤه في الجلسة الأولى قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى وإلا سقط حقه في التمسك به؛ لأن سكوته عن التمسك بالتحكيم والإجابة على الدعوى يعد رضاً بإسقاط شرط التحكيم واتفاقه، ولأن السكوت في موضع الحاجة إلى البيان بيان، وليس للمحكمة من تلقاء نفسها التصدي لذلك من دون إثارته من الخصوم.

جمع الدفوع المؤقتة

جاء في الفقرة الأولى من اللائحة التنفيذية لهذه المادة أنه: «إذا كان للخصم أكثر من دفع مما وَرَدَ في هذه المادة فيجب إبداؤها معا»، بشرط إبدائها قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى.

وقت الدفوع المؤقتة للغائب

إذا بلغ المدعى عليه بحضور الجلسة على الوجه الصحيح حسب النظام سواء أكان التبليغ لشخصه أم لغير شخصه ولم يحضر وسمعت عليه الدعوى بعد التبليغ الصحيح – لم تسمع منه الدفوع المؤقتة بعد تلك الجلسة التي باشر فيها القاضي سماع الدعوى؛ إذ إنه يعد قد تبلغ بالدعوى حكماً وأسقط حقه في هذه الدفوع، وقد مرّ معنا في أنواع علم المعلن إليه في شرح المادة الرابعة عشرة أن المعلن إليه بالتبليغ يعد مبلغاً بالدعوى تم التبليغ وفق الأصول ولو لم يكن لشخصه.

موضوعات قد تهمك:

Leave A Comment