المخالصة في قانون العمل السعودي، تعد من أهم الموضوعات الشائكة على جميع الأصعدة سواء من قبل صاحب العمل أو من العامل نفسه
فبالنسبة للعامل كثيرًا ما يتبادر إلى ذهنه بعد انتهاء علاقة العمل ما يلي:
- هل التوقيع على المخالصة صحيح أم خطأ؟
- هل بعد التوقيع على المخالصة لا يحق لي كعامل المطالبة بأي حقوق أخرى في مواجهة صاحب العمل؟
- ماذا لو تبين لي حقوق ثانية لم تتضمنها المخالصة؟
- ماذا لو تم احتساب حقوقي بطريقة خاطئة؟
- ماذا لو امتنع صاحب العمل بعد التوقيع على المخالصة من الوفاء بمستحقاتي؟
وعلى الصعيد الآخر بالنسبة لأصحاب الأعمال، فإنهم يهتموا بما يلي:
- كيف استوثق من إبراء ذمتي من مستحقات العامل وإثبات قبضه لهذه الحقوق؟
- ماذا لو أنكر العامل قبضه للمستحقات التي وقع عليها بالمخالصة؟ فهل المخالصة كافية لإبراء ذمتي؟
- هل يمكن لي إعطاء العامل مستحقاته أثناء مدة سريان العمل للتخفيف من عبء المبالغ الضخمة المستحقة عند انتهاء العلاقة العمالية؟
وإنه حسمًا لهذا الجدل من كلا الطرفين، وللأهمية البالغة لهذا الموضوع، ولكثرة التساؤلات المتداولة بشأنه؛ فقد عمّد فريق مكتب المختار للمحاماة إلى إعداد الإجابة عن هذه التساؤلات المذكورة أعلاه وأكثر،
من خلال هذا المقال المثمر تحت عنوان المخالصة في قانون العمل السعودي.
ما هي المخالصة
المخالصة العمالية هي ورقة يتم تحريرها من صاحب العمل، تشمل جميع حقوق العامل ومستحقاته المقررة له بعد انتهاء العلاقة العمالية، ومن ذلك الأجور، والبدلات، ومكافأة نهاية الخدمة، وبدل الإجازات وغيرها من المستحقات أيا كان نوعها.
فهي وفق المفهوم المتعارف عليه لدى أصحاب الأعمال الذين يرغبون في إجابة مختصرة عن تساؤل ما هي المخالصة فهي تعتبر سند قبض لحقوق العامل،
أي إقرار من هذا الأخير أنه قد استلم كافة حقوقه، إذا سلمّت هذه المخالصة من المعارضة -كما سنبين أدناه-.
وبعد أن تعرفنّا على ما هي المخالصة، من الضروري التعرف على شروط صحتها ومدى حجيتها، وهذا نتناوله تفصيلًا فيما يلي.
شروط صحة المخالصة
إنه ترتيبًا على ما أوردنّا أعلاه من الأهمية البالغة للمخالصة لكل من صاحب العمل والعامل في إثبات قبض الحقوق من عدمها، فإنه يتعين مراعاة (3) شروط لازمة حتى تحقّق المخالصة الغاية المقصودة منها، وإننا نوجز شروط صحة المخالصة في الآتي
الشرط الأول: يتعين أن يتم تحرير المخالصة بعد انتهاء العلاقة العمالية بين الطرفين بصورة تامة
- فإذا تمت المخالصة أثناء العمل؛ فإنه غالبًا ما يتم إبطالها، كما سنوضحه تفصيلًا في المادة (8) من نظام العمل.
- وإذا تمت المخالصة بعد انتهاء العمل ثم لاحقها أي إجراء أخر بين الطرفين في العمل؛ فإنها أيضًا تعد باطلة.
- فعلى سبيل المثال| إذا انعقدت المخالصة بعد انتهاء العمل ثم لاحقها بلاغ هروب ضد العامل؛ فإن المخالصة تعد باطلة لكون بلاغ الهروب يُدلل على استمرار العلاقة العمالية بين الطرفين، ومن ثم يطلب صاحب العمل القبض على العامل لامتناعه عن الحضور إلى مقر العمل،
لذا؛ يعد من شروط صحة المخالصة أن تكون أخر شيء يربط العامل بهذه المؤسسة دون مباشرة أي تصرفات بعدها.
الشرط الثاني: يجب أن تكون المخالصة محررة بموجب مستند كتابي
ويراعى في هذا المستند الكتابي أن يكون واضح الألفاظ والعبارات ودالة على المقصود منه، إضافة إلى ضرورة تفصيله لكافة الحقوق المقرر للعامل والخصومات المحسومة من مستحقاته، وذلك لكل بند من البنود،
ويفضل تضمين المخالصة عبارة: “أقر باستلامي وقبضي [أي العامل] كافة حقوقي النظامية المتمثلة في: …“.
الشرط الثالث: يلزم أن يوقع العامل على هذه المخالصة ويقر بصحة التوقيع عليها
فلا يكفي مجرد كتابة العامل لمستحقاته وتدوينها بخط يده على الورقة، للقول إنها مخالصة، أو استلم العامل بموجبها حقه؛ بل يلزم أن تكون هذه المخالصة موقع من العامل ومقرًا بذلك التوقيع، حتى تقيم قرينة صحيحة على تقاضي العامل الحقوق الواردة فيها.
إلى هنا انتهت شروط صحة المخالصة اللازمة للتمسك بحجيتها، وبقي لنا التعرف على ما الحال إذا تم توقيع المخالصة قبل استلام الحقوق المقرر للعامل.
توقيع المخالصة قبل استلام الحقوق
الأصل العام أن توقيع العامل على مخالصة نهائية باستلامه كافة مستحقاته المترتبة على عقد العمل، لا يعطي للعامل الحق في المنازعة عليها أمام المحكمة؛
لأنه متى أقر العامل بالمخالصة مع اشتمالها على كافة حقوقه، وتوافر شروط صحة المخالصة الواردة أعلاه؛ فلا يجوز له المجادلة في أحدها بعد ذلك،
ولكن يثور التساؤل عمّا إذا وقع العامل على المخالصة ثم امتنع صاحب العمل عن تسليمه حقوقه أو ما يسمى توقيع المخالصة قبل استلام الحقوق، وما الحال إذا تبين أنها مخالصة مغلوطة أو معيبة وتتضمن أخطاء محاسبية؟
وللإجابة عن هذا السؤال يمكن تقسيمه إلى حالتين في الآتي
الحالة الأولى: إذا امتنع صاحب العمل عن الوفاء بحقوقه بعد التوقيع على المخالصة
فإننا نُفيدكم أن التوقيع على المخالصة ليس نهاية المطاف، وليس حجة على إطلاقه، والصحيح أنه قرينة في صالح صاحب العمل تشير إلى تقاضي العامل لحقوقه،
ولكن يمكنا مساعدتك في إثبات عكس هذه القرينة واستيفاء حقك في مواجهة صاحب العمل حتى إذا امتنع صاحب العمل عن الوفاء بحقوقه بعد التوقيع على المخالصة، تواصل معنا من هنا.
الحالة الثانية: إذا اشتملت المخالصة على عيوب محاسبية أو تبين للعامل حقوق أخرى لم تتضمنها المخالصة
في هذه الحالة فإنه من غير الصحيح الاعتداد بهذه المخالصة؛ كون الإخطاء المحاسبية تعتبر عيب من عيوب الإرادة، التي لا تبرأ ذمة صاحب العمل من تلك الحقوق،
وفي ذلك نسترشد بنص كشاف القناع في (4/336) أن: “لو كتم المدين الدين عن الدائن خوفًا من أن الدائن لو علم الدين لم يبرئه، وجهله رب الدين، لم تصح البراءة عنه، لأن فيه تغريرًا للمبرئ“.
وإنه تجدر الإشارة إلى أن للجهات القضائية سلطة تقديرية في مدى الاعتداد بالمخالصة من عدمها عند النزاع عليها، وإن الاتجاه الغالب للدائرة هو عدم الأخذ بها في حالة اعتراض العامل عليها بــ “توقيع المخالصة قبل استلام الحقوق”
أو ظهور مستحقات لم تشملها هذه المخالصة، حيث يبقى الحق للعامل في التمسك بإعادة تصحيح الخطأ في المخالصة، واحتساب حقوقه كاملةً بواسطة الدائرة القضائية،
وعندئذ تسقط الدائرة المخالصة الكتابية -محل الشك-، إعمالًا لما جاء في القاعدة الفقهية من أن: “الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال يسقط به الاستدلال”.
بطلان المخالصة في القانون السعودي
إن تسوية مستحقات العامل من قبل صاحب العمل هو أمر جيد بوجهٍ عام، ولكن حتى تكون هذه المخالصة صحيحة، وتبقى حجيتها في مواجهة العامل، ولا تقع تحت طائلة أحكام بطلان المخالصة في القانون السعودي،
يتعين أن يتم تحريرها بعد انتهاء العلاقة العمالية بين الطرفين، بحيث تشمل كافة مستحقات العامل واحتسابها على الوجه النظامي لكل بند من بنودها،
أما إذا كانت هذه المخالصة أثناء العلاقة العمالية -سريان عقد العمل- فإن جميع أحكامها باطلة، ولا يعتد بها قضاءً،
وهذا الاتجاه الذي استقر عليه العمل قضاءً في كثير من القرارات والمبادئ السابقة، ويمكنكم الاطلاع على الأحكام المشابهة لذلك من خلال الرابط التالي: قرارات ومبادئ عمالية بشأن بطلان المخالصة الموقعة اثناء العمل.
ولعل الحكمة من ذلك: أن هناك حقوق للعامل مثل مكافأة نهاية الخدمة لا يستحقها إلا بعد انتهاء العلاقة العمالية وفقًا لنص المادة (84) من نظام العمل،
ومن ثم؛ فإن أي مخالصة تتم دون استيفاء هذه الحقوق لا يعتد بها، ويلزم أن يتم تحريرها في نهاية العلاقة لكي يتم التأكد من احتسابها على وجهٍ صحيح.
وفي ذلك ننصحكم بزيارة حاسبة مستحقات العامل، ذلك الموقع الفريد الذي تتمكن من خلاله من احتساب كامل مستحقاتك العمالية بسهولة ويسر؛ للتأكد من احتسابها بشكل نظامي قبل التوقيع على المخالصة،
وذلك من خلال إدخال بعض البيانات والحصول مباشرةً على مقدار المبالغ المستحقة لك، لتخلص في النهاية إلى التعرف على حقك في التمسك بأحكام بطلان المخالصة في القانون السعودي أم أنها مخالصة صحيحة.
المادة الثامنة من نظام العمل
إن المستند النظامي الأساسي في القول ببطلان أي مخالصة تمت أثناء سريان عن عقد العمل، هو نص المادة الثامنة من نظام العمل التي تضمنت ما يلي:
“يبطل كل شرط يخالف أحكام هذا النظام، ويبطل كل إبراء أو مصالحه عن الحقوق الناشئة للعامل بموجب هذا النظام أثناء سريان عقد العمل، ما لم يكن أكثر فائدة للعامل“.
وبالرغم من أن نص المادة الثامنة من نظام العمل -المذكورة أعلاه- صريحة في القول بأن إبراء العامل لصاحب العمل -أثناء العمل- يعتبر باطل، إذا تبين أنه لم يكن ذا فائدة أكبر للعامل فقط،
وإنه بمفهوم المخالفة إذا كانت المخالصة تحقق فائدة أكبر للعامل؛ فإنها تعتبر مخالصة صحيحة،
غير أن المستقر قضاءً وما جرى عليه العمل، هو إبطال مثل هذه المخالصات وإعادة احتساب حقوق العامل من جديد؛ لأنه في غالب الأحيان تثبت معارضة العامل على هذه المخالصة، وتشكيكه في صحتها، فلا يقر ولا يعترف أبدًا بفائدتها بالنسبة له.
نموذج مخالصة باستلام جميع مستحقات
يمكنك الاطلاع والحصول على نموذج مخالصة باستلام جميع مستحقات العامل مجانًا من هنا.
وهنا نكون قد وصلنا لختام مقالنا عن المخالصة في قانون العمل السعودي، آملين من المولى -جل جلاله- أن نكون قد أفدناكم، كما يسعدنا استقبال اقتراحاتكم في مكتب المختار للمحاماة.
موضوعات ذات صلة:
2 Comments
أحمد بن غالب
يطيب لي أن أهنئكم على إنسانيتكم الطيبة وعملكم المبارك ، وأنني سعيداً بما اكتنزته من معرفة تحقق المطلوب لكل ذي حاجة في ميدان العمل ، وبمثل هذه المعلومات الشاملة التي تمنح ذو الحاجة معرفة كيفية المطالبة بحقوقه .
الله يحرم وجوهكم على النار ، وجزاكم الله خيراً .
محمد الجزائري
بارك الله فيكم لقد نورتونا بعلمكم ومعرفتكم بالقانون وكم تمنيت انني منذ البدايه عرفت موقعكم لاستشرتكم فيما يتعلق بقضيتي والتي ردت من المحكمه بحجة توقيع مخالصه لالرغم انني وقعتها وانا على راس العمل . وهو مايخالف الماده الثامنه ولكن الله غالب .