استئناف ونقض حكم فسخ النكاح

استئناف-ونقض-حكم-فسخ-النكاح

نقض حكم فسخ النكاح قد يكون هو الخيار الأخير أمام من صدر بحقه حكم غير منصف بفسخ عقد الزواج. في بعض الحالات قد يصدر حكم بفسخ عقد النكاح، دون أن تتوفر الأسباب المعتبرة شرعًا أو نظامًا، وهنا تظهر أهمية فهم الإجراءات النظامية المتاحة. في هذا المقال، نستعرض بشكل شامل ودقيق كيفية التعامل مع دعاوى الفسخ، والرد عليها، واستئناف الأحكام الصادرة، وحتى التقدم بالنقض لدى المحكمة العليا، مع التطرق لأهم الملاحظات القانونية ذات الصلة.

نقض حكم فسخ النكاح 

عند صدور حكم لغير صالحك، يمكنك التقدم بطلب نقض حكم فسخ النكاح وفقًا لشروط معينة، كأن يكون الحكم:

نقض حكم فسخ النكاح
  1. مخالفًا لأحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة.
  2.  صادرًا من محكمة غير مشكلة تشكيلًا سليم.
  3.  صادراً من جهة غير مختصة.
  4.  قائمًا على تكييف أو وصف غير سليم للواقعة.

تنويه هام:  إن المحكمة العليا ليست محكمة وقائع، بل تبحث فقط في مدى الالتزام بالنظام حسب ما نصت عليه المادة الثامنة والتسعون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية. ولا يجوز لك التمسك أمام المحكمة العليا؛ بسبب لم يذكر في مذكرة الاعتراض، ما لم يكن متعلقًا بالنظام العام.

أما إن كنت في مرحلة سابقة على نقض الحكم، وترغب في معرفة كيفية الرد في أثناء سير الدعوى أو عند صدور حكم ابتدائي بالفسخ، تابع الفقرة التالية.

الرد على دعوى فسخ النكاح 

في حال رفع الزوجة دعوى لفسخ عقد النكاح، فإن على الزوج أن يرد على أسباب الدعوى كلٌ على حدا، وفق ما تقرره الأنظمة، وبما يتوافق مع الوقائع الحقيقية. في هذا السياق، نوضح فيما يلي كيفية الرد على أبرز أسباب دعاوى الفسخ المحتملة:


الرد-على-دعوى-فسخ-النكاح

الرد على دعوى فسخ النكاح القائمة على ادعاء شرب الخمر أو تعاطي المخدرات

على الزوج أن ينظر في سبب الدعوى وما إذا كان قائمًا على دعوى تعاطي مواد محرّمة كالمخدرات أو شرب الخمر، ففي هذه الحالة يجب على الزوجة تقديم دليل قاطع على صحة هذا الادعاء، فـالبينة على من ادعى. فإن لم تثبت الزوجة ذلك ببينة معتبر؛ فإن دعواها تُرد لعدم ثبوت السبب. وهناك تفاصيل أخرى خاصة بهذه الدعوى والرد عليها، حسب الأدلة المقدمة من الزوجة سواء تقرير يثبت التعاطي، أو دعوى جنائية سابقة، فضلًا أن الزوجة قد تتمسك بحكم قضائي صادر سابقًا منتهي، وهو ما يتعين الرد عليه بالدفوع المناسبة.

الرد على دعوى فسخ النكاح القائمة على سبب عدم النفقة

قد تدعي الزوجة أن الزوج لا ينفق عليها، وتطلب الفسخ لهذا السبب، وهنا يشترط منها تقديم الدليل. لكن إن كانت الزوجة ناشزًا (أي ممتنعة عن تمكين نفسها من الزوج، أو من الانتقال إلى بيت الزوجية دون عذر)، فيسقط حقها في النفقة، ومن ثم يسقط سبب الفسخ لعدم وجود ضرر نظامي.

وقد نصت المادة الخامسة والخمسون من نظام الأحوال الشخصية على ما يلي “يسقط حق الزوجة في النفقة إذا منعت نفسها من الزوج، أو امتنعت من الانتقال إلى بيت الزوجية أو المبيت فيه، أو السفر مع الزوج، دون عذر مشروع”.

الرد على دعوى فسخ النكاح القائمة على وجود علة منفّرة أو مضرة

إذا استندت الزوجة في دعوى الفسخ إلى وجود علة صحية أو نفسية في الزوج، فلا بد أن تكون هذه العلة مؤثرة بالفعل لدرجة تمنع المعاشرة الزوجية. وإذا لم تثبت كونها ضارة أو منفّرة بالمعنى النظامي، لا يُعتد بها كسبب للفسخ.

الرد على دعوى فسخ النكاح مع ثبوت علم الزوجة بالعلة ورضاها بها

حتى لو كانت العلة المضرة موجودة، إلا أن الزوج يمكنه إثبات أن الزوجة كانت على علم بها عند العقد، أو علمت بها بعده، ورضيت بها، سواء باللفظ أو بالفعل. وهنا يسقط حقها في الفسخ، ويجب على الزوج تقديم ما يدل على ذلك الرضا، كاستمرار المعاشرة أو التصريح بالقبول أو غيرهما من الأدلة المناسبة.

الرد على دعوى فسخ النكاح إذا كانت العلة سابقة للعقد ولم يحصل دخول أو خلوة

إذا ثبت أن العلة موجودة قبل الزواج، وأنه لم يحصل دخول أو خلوة، فإن الزوجة يجب أن تعيد المهر الذي تسلمته، ويسقط ما بقي منه ولو كان مؤجلاً. [راجع التفاصيل في:  شرح المادة 105 من نظام الأحوال الشخصية: متى يسترجع الزوج المهر؟].

وإذا لم تكن دعوى الزوجة مبنية على أسباب واضحة، فالقاضي قد يُحيل النزاع لقسم الخبراء كما سنوضح أدناه.

رأي قسم الخبراء وهل يعتد به القاضي دائمًا

عندما لا تكون دعوى الزوجة قائمة على أسباب معتبرة نظامًا، أو لم تقدم ما يثبتها من الأدلة والقرائن، يقوم القاضي غالبًا بإحالة النزاع إلى قسم الخبراء (أي التحكيم من قبل حكمين من أهل الزوجين، أو من غيرهم). فيما يلي نوضح أبرز النقاط المتعلقة بهذه الحالة حسب ما ورد في نظام الأحوال الشخصية ولائحته التنفيذية:


رأي-قسم-الخبراء-وهل-يعتد-به-القاضي-دائمًا
رأي-قسم-الخبراء-وهل-يعتد-به-القاضي-دائمًا

) إحالة الزوجين إلى قسم الخبراء في حال تعذر إثبات الضرر: لو لم تكن دعوى الزوجة قائمة على أسباب معتبرة نظامًا، أو لم تقدم ما يثبتها من الأدلة والقرائن؛ فسيحيل القاضي الزوجين لقسم الخبراء للتحكيم بينهما من خلال حكمين. ويتعين هنا على الزوجين حضور الجلسة المحددة أمام الحكمين، وذلك بناءً على ما جاء في نص المادة التاسعة بعد المائة من نظام الأحوال الشخصية. وللتعرف على الخطوات التفصيلية لإجراءات الفسخ، اطلع على [فسخ عقد النكاح: مراحل الدعوى خطوة بخطوة 1446هـ].

2)  رأى قسم الخبراء ليس ملزمًا للقاضي: ليس على القاضي أن يأخذ برأي أهل الخبرة، فرأيهما غير ملزم، ولا يؤخذ به إذا لم يكن متفقًا مع الواقع، وللمحكمة بعد اطلاعها على تقرير الحكمين أن تقرر أيّاً مما يلي

  • اعتماد رأي الحكمين.
  • فسخ عقد الزواج وتقرير ما تراه بشأن العوض.
  • وفي جميع الأحوال، لا يُفسخ عقد الزواج على عوض تسلمته الزوجة إلا بموافقتها.

3) مثال من السوابق القضائية على عدم أخذ القاضي برأي الخبراء: ما جاء في القضية رقم (3486983) لعام 1434هـ مخالفة حكم القاضي لما رآه قسم الخبراء، فقد جاء في رأي قسم الخبراء التفريق بين الزوجين دون عوض، إلا أن القاضي فسخ نكاح المدعية من زوجها على عوض، وهو نصف المهر المقبوض. والآن لنستعرض حكم فسخ النكاح بشكل عام كما جاء في النظام.

حكم فسخ النكاح

النكاح عقد مستمر لا يفسخ إلا لأمر دل النص عليه، وقد عدده النظام من أسباب الفرقة بين الزوجين. فقد جاء في نص المادة السادسة والسبعين من نظام الأحوال الشخصية على ما يلي: “تحصل الفرقة بين الزوجين في أي من الحالات الآتية… فسخ عقد الزواج…” وكذلك المادة الثامنة والعشرون من لائحة نظام الأحوال الشخصية.

كما أنه إذا فسخ الزوج زوجته، أو فسخت الزوجة زوجها، فلا يتم حسبان هذا الفسخ من الطلقات الثلاث، بمعنى أن لهما أن يتراجعا، وإن كان قد سبق الفسخ طلقتين، كما سنوضح أدناه. أما إذا صدر حكم ابتدائي غير صحيح، فإليك كيفية الاستئناف عليه.

استئناف حكم فسخ النكاح 

إذا كان الحكم الصادر من القاضي الابتدائي غير صحيح، كأن يصدر القاضي حكمه بفسخ النكاح دون وجود سبب من الأسباب المعتبرة نظامًا، أو حكم بالفسخ بناءً على سبب لم يتم إثباته بشكل صحيح، أو حكم بالفسخ دون عوض دون توفر مقتضى ذلك، فحينئذ يمكنك التمهيد لتقديم نقض حكم فسخ النكاح لاحقًا باستئنافه في الوقت النظامي.

حيث نصت المادة السابعة والسبعون بعد المائة من نظام المرافعات الشرعية على ما يلي “لا يجوز أن يعترض على الحكم إلا المحكوم عليه، أو من لم يقض له بكل طلباته، ما لم ينص النظام على غير ذلك”. وإذا كان الحكم الصادر هو بفسخ النكاح بدون عوض، فهناك نقاط إضافية مهمة يجب التنبه لها.

استئناف حكم فسخ النكاح بدون عوض 

حتى تحكم المحكمة بفسخ النكاح بدون عوض، فيجب توفر السبب المعتبر للفسخ دون عوض، وأن يكون قد أُثْبِت من قبل الزوجة. والأسباب المعتبرة للفسخ بدون عوض متعددة.

فإذا لم يتوفر سبب من هذه الأسباب، أو دفعت الزوجة بسبب منهم، دون أن تثبته، فليس للقاضي عندئذ الحكم بالفسخ دون عوض، [يمكنك التوسع أكثر حول هذا الموضوع في مقال: متى يحق للقاضي فسخ النكاح بدون عوض ولكن حاليًا -بصفة عامة- لك استئناف الحكم عند مخالفة ذلك وبيان أوجه اعتراضك.





استئناف حكم فسخ النكاح بدون عوض

وأوجه اعتراضك تكون بالرد على كل سبب من الأسباب التي قدمتها زوجتك على حدا، وتتطرق كذلك إلى مدى مناقشة القاضي لدفوعك من عدمها، وأيضًا بيان إذا ما شاب قرار المحكمين من عيوب.

من الأسباب المعتبرة للفسخ دون عوض: عدم الإيفاء بالشرط الذي اشترطته الزوجة في وثيقة الزواج، أو أقر بوجوده الزوجين.

تنبيه مهم: لا يُعتد بأي شرط غير مثبت كتابةً أو غير معترف به من الطرفين، ما لم يتم إثباته رسميًا. فإذا ادعت الزوجة شرطًا، دون أن يكون مثبتًا كتابةً في وثيقة عقد الزواج، أو أقر به الزوجان، وفسخ القاضي بناءً على ذلك، فيكون حكمه مخالفًا للنظام، ويكون لديك فرصة قوية لتقديم استئناف بشأنه ونقض حكم فسخ النكاح. 

كذلك من الأسباب المعتبرة: وجود علة حدثت في أي من الزوجين بعد الدخول، أو كانت العلة في الزوج سابقة للعقد، وكان الفسخ بعد الدخول أو الخلوة.

ويجب توفر شروط معينة، وإلا كان حكم القاضي بناءً على هذا السبب مخالفًا للنظام. ومن هذه الشروط:

  • كون العلة مضرة في الآخر أو منفرة تمنع المعاشرة الزوجية، سواء كانت قبل العقد، أو طرأت بعده.
  • ألا يكون طالب الفسخ عالمًا بالعلة وقت العقد، أو أنه علم بها لاحقًا، ورضي بها قولًا أو فعلًا.

إذا صدر الحكم بالفعل، إليك طريقة إعداد اللائحة الاعتراضية عليه.

لائحة اعتراضية على حكم فسخ نكاح 

في البداية يتعين عليك بيان الأسباب الشكلية، ثم الأسباب الموضوعية للاعتراض على الحكم.

لائحة اعتراضية على حكم فسخ نكاح

الأسباب الشكلية:

يجب تقديم اعتراضك خلال المدة المحددة نظامًا وهي ثلاثون يومًا، ويجب بيان ذلك في لائحة اعتراضك بذكر تاريخ صدور الحكم وتاريخ تقديمك للاعتراض.

ملاحظة: عدم الالتزام بالمدة النظامية يُسقط حقك في الاستئناف، حتى لو كان الحكم غير عادل.

الأسباب الموضوعية:

تبين كيف خالف الحكم النظام أو الواقع، أو أغفل القاضي بيناتك أو دفوعك، أو لم يُمكنك من تقديم البينة.

وتبين كذلك أوجه الأدلة التي أغفلها القاضي أو ما إذا كان لم يمكنك من سماع حجتك، أو إذا أخل القاضي بإجراء من إجراءات التقاضي؛ مثل عدم تمكينك من تقديم ببينتك وسماعها، من ذلك عدم مناقشة القاضي لدفع مؤثر ورد في إجابتك.

وكذلك بيان ما شاب تقرير لجنة الصلح من عيب كأن يكون قد جاء من غير تصور صحيح لظروف وواقع الدعوى وخلافًا للمستندات المرفقة بالدعوى، فإذا كان لديك اعتراضات على قرار المحكمين، فيجب أن توضح أسباب رفضك له، وتقديم بأسباب نقض حكم فسخ النكاح إذا وافق رأي القاضي رأي المحكمين.

عدة فسخ النكاح 

الآن ننتقل إلى موضوع العدة المترتبة على حكم الفسخ القضائي، كالتالي:

عدة فسخ النكاح

1- بدأ احتساب العدة بالنسبة لفسخ النكاح يكون من تاريخ صدور الحكم، وذلك وفقًا لما جاء في نص المادة الثامنة عشرة بعد المائة من نظام الأحوال الشخصية،

2.  لكن يجب الحذر من أنه، وإن كانت العدة تحتسب من تاريخ صدور الحكم، ولكن لا يجوز الزواج قبل أن يكتسب الحكم القطعية، حتى لو انتهت العدة، حيث نصت المادة 118 من نظام الأحوال الشخصية على أن “ولا تتزوج المرأة -في الحالات السابقة- إلا بعد انتهاء مدة العدة أو اكتساب الحكم الصفة النهائية، أيهما أبعد”.، وقد تم تأكيد ذلك في الحكم الصادر من المحكمة العامة بالدمام (رقم 3539122 – سنة 1435هـ) بأن: (فقد حكم القاضي بفسخ النكاح دون عوض، وأفهم المدعية بأن عليها العدة الشرعية وألا تتزوج بعد انقضائها حتى اكتساب الحكم القطعية، وتم تصديق الحكم من محكمة الاستئناف.

هل فسخ النكاح فيه رجعة؟ 

الفسخ ينهي بمجرد وقوعه عقد الزواج قبل انقضاء العدة؛ فتكون فرقة بائنة بينونة صغرى، فقد نصت المادة الثالثة بعد المائة من نظام الأحوال الشخصية على ما يلي: “كل تفريق بحكم قضائي يعد فسخًا، وتكون فرقة بائنة بينونة صغرى، ولا تحسب من التطليقات الثلاث”،

فالمراد بعبارة “بائنة بينونة صغرى“، هو أن الفسخ ينهي عقد الزواج حين وقوعه دون اشتراط انقضاء العدة، فلا تحل المرأة له بعد الفسخ إلا بعقد ومهر جديدين، كما جاء في الدعوى رقم (353986) بتاريخ 1435 الصادرة من المحكمة العامة بأبها، فلقد فسخ القاضي نكاح المدعية من زوجها دون عوض، وأفهمها بأن عليها العدة الشرعية، وأنها بانت من زوجها بينونة صغرى، وصدق الحكم من محكمة الاستئناف.

هل فسخ النكاح يعتبر طلاق؟ 

فسخ النكاح لا يعتبر طلاقًا، بل يختلف عنه في الآثار والشروط. فمن أبرز الفروقات:

  • لا يحسب الفسخ من الطلقات الثلاث، فيمكن للزوجين العودة ولو سبق طلاقان.
  • الطلاق لا يتم إلا بإرادة الزوج، بينما الفسخ يمكن أن يصدر من القاضي بناء على طلب الزوجة وتوفر السبب.

ختامًا، فإن معرفة كيفية نقض حكم فسخ النكاح وفقًا للأنظمة القضائية المعمول بها في المملكة، تمكّن أي طرف متضرر من ممارسة حقه النظامي بشكل صحيح، سواء كان في مرحلة الاعتراض أو أمام المحكمة العليا. لذا، فإن الإلمام بالإجراءات والأسباب القانونية يعزز فرص الوصول إلى حكم عادل. وإذا كنت تبحث عن مرجع شامل للنظام ولائحته التنفيذية، يمكن الرجوع مباشرة إلى النص الرسمي. (اطلع على [نظام الأحوال الشخصية الجديد pdf مع اللائحة لعام 1446).

مقالات ذات صلة:

مقال: [أسئلة القاضي عند فسخ النكاح: 9 أسئلة وإجاباتها.]

مقال: [فسخ عقد الزواج من قبل الزوجة في السعودية.]

مقال: [طريقة فسخ عقد النكاح على تراضي وناجز بالخطوات الكاملة 1446.]

مقال: [شرح المادة 103 من نظام الأحوال الشخصية: الفرق بين الطلاق والفسخ].

مقال: [شرح المادة 104 من نظام الأحوال الشخصية: فسخ عقد النكاح للضرر].

Leave A Comment