الاعتراف في قضايا المخدرات: بتوجيه قانوني من محامٍ مختص

الاعتراف في قضايا المخدرات بداية من التحقيق حتى انتهاء المحاكمة

الاعتراف في قضايا المخدرات يُعد من أخطر مراحل الدعوى، إذ يختلف تأثيره حسب نوعه (قضائي أو غير قضائي) والشروط التي تحكم صحته. في هذا المقال نكشف الفروقات الجوهرية بين أنواع الإقرار، وشروط الأخذ به، وأثر الرجوع عنه، وكيفية تعامل النظام القضائي مع هذه الاعترافات.

ما حكم الاعتراف في قضايا المخدرات؟

حكم الاعتراف في قضايا المخدرات يختلف باختلاف نوعه: فهناك اعتراف قضائي واعتراف غير قضائي، وكذلك للأخذ بالاعتراف أيًا كان نوعه يجب توفر شروط خاصة حددها النظام، وإذا رجع المقر عن إقراره فله أحكام تختلف تبعًا لاختلاف العقوبة هل هي حدية أم تعزيرية ونفصل القول في كل ذلك فيما يلي:

ما حكم الاعتراف في قضايا المخدرات؟  -2

الإقرار القضائي والإقرار الغير قضائي

يختلف الاعتراف على حسب الجهة التي يصدر أمامها الإقرار إلى نوعين، وهما: الاعتراف القضائي والاعتراف الغير قضائي:

أولًا: الاعتراف القضائي؛ 

وهو الذي يصدر أمام المحكمة وذلك إذا كان الاعتراف في واقعة ضده فيها، وذلك في ظل السير دعوى مقامة ضده، والإقرار القضائي يعد من أقوى أدلة الإثبات؛ فهو حجة قاطعة على المقر، وذلك وفقًا لنص (17) من نظام الاثبات، فللقاضي أن يحكم بناءً على إقرارك القضائي فقط بشرط أن تتوافر شروطه النظامية.

ثانيًا:  الاعتراف أمام الشرطة والنيابة العامة

فيسمى الاعتراف أمام الشرطة والنيابة العامة بالإقرار الغير قضائي، وكذلك في حال صدر أمام المحكمة ولكن في دعوى أخرى. وهو يحتاج لإثبات، وإثباته يكون تبعًا لأحكام نظام الإثبات.

وباستقراء السوابق القضائية في قضايا المخدرات نجد أن القاضي قد يحكم بخلاف الإقرار الحاصل بالنيابة أو الشرطة وفقًا لما تبين له من ملابسات للدعوى وظروفها. ولا يعني ذلك أنك غير مسؤول عن إقرارك أمام الشرطة أو النيابة فإذا كنت بريئًا فيتعين عليك أن تتمسك ببرائتك ولا تقول إلا الصدق.

أما عن إقرارك أمام الشرطة أو النيابة، ومع كونه إقرار غير قضائي إلا أنه يعد دليل من أدلة الإثبات، ولكن يُمكن إثبات عكسه، وقد يتخلله الشك إذا تم إنكار هذا الاعتراف أمام الدائرة القضائية أثناء نظر الدعوى، وأثناء عرض هذه الأدلة عليك.

ولمن يرغب في فهم كيف تؤثر تلك الملابسات على قرار القاضي، يمكنه مراجعة هذه الدفوع المهمة التي قد تقود إلى البراءة: أسباب البراءة في قضايا المخدرات في السعودية

ثالثًا: مستند التفرقة بين الإقرار القضائي والإقرار الغير قضائي

فقد نصت المادة الرابعة عشرة من نظام الإثبات على الآتي:  “1- يكون الإقرار قضائياً إذا اعترف الخصم أمام المحكمة بواقعة مدعى بها عليه، وذلك أثناء السير في دعوى متعلقة بهذه الواقعة. 2- يكون الإقرار غير قضائي إذا لم يقع أمام المحكمة، أو كان أثناء السير في دعوى أخرى”.

شروط الإقرارأو الاعتراف في قضايا المخدرات

لإعمال أثر الاعتراف يلزم ما يلي:

شروط الإقرار في قضايا المخرات  -1

  1.  فيجب أن يقع صحيحًا.
  2.  أن الإقرار صادرًا عن إرادة حرة سليمة.
  3. أن يكون الإقرار خاليًا من عيوب الإرادة (الغلط، التغرير، الإكراه).

ولمزيد تفصيل في شروط الإقرار اطلع على نص المادة الخامسة عشرة من نظام الإثبات، والمادة الثامنة والعشرون من الدليل الإجرائي لنظام الإثبات على ما يلي: “تتحقق المحكمة من صفة المقر وأهليته”. وتجدر الإشارة إلى أن عبء إثبات وجود عيب في الإرادة يقع على عاتق المُقِر، وذلك وفقًا لما نصت عليه المادة الثانية والثلاثون من الدليل الإجرائي لنظام الإثبات.

وفي جميع الأحوال لا يتم قبول الإقرار إذا كانت ملابسات وظروف الدعوى الظاهرة تكذبه، وذلك وفقًا لما جاء في نص المادة السادسة عشرة من نظام الإثبات، والمبدأ القضائي رقم(1136): “الأصل أنه إذا لم توجد الجريمة، ولم تعلم بيقين فلا يعاقب المعترف.”

أما إذا كنت تسعى للاستفادة من التوبة والظروف الإنسانية بعد الإقرار، فأنصحك بالاطلاع على كيفية تقديم طلب الاسترحام في قضايا المخدرات

الرجوع عن الإقرار أو الاعتراف في قضايا المخدارت

إن حكم الرجوع عن الإقرار قاعدة عامة إلا أن لهذه القاعدة استثناء، فنستعرض معًا ذلك بالتفصيل فيما يلي:

الرجوع عن الإقرار

أولًا: القاعدة العامة:

هو عدم جواز رجوع المقر عن إقراره، فيؤاخذ بما أقر عليه، وذلك تطبيقًا لنص المادة الثامنة عشرة من نظام الإثبات، فقد نصت على ما يلي: “..يلزم المقر بإقراره، ولا يقبل رجوعه عنه…”.

ثانيًا: الاستثناء

وذلك في عقوبات الحدود  استثناءً  عن الأصل العام، فإنه يجوز قبول رجوع المقر عن إقراره، وذلك في قضايا الحدود حسب إجماع أهل العلم. على سبيل المثال: قضية التعاطي عند تطبيق عقوبة تعاطي المخدرات، حيث إن عقوبتها حدية، فقد جاء في مبادئ وقرارات المحكمة العليا ما يلي: “استقر القضاء في أغلب المحاكم منذ أمد طويل على إقامة حد المسكر لمن ثبت تعاطيه لشيء من المخدرات المسكرة؛ كالحشيش والأفيون”.

كما نصت المادة الخامسة والستون بعد المائة من اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية على ما يلي: “لا يجوز ربط المنفذ فيه عقوبة ولا الإمساك به وقت تنفيذ حد الزنا أو المسكر؛ إذا ثبت الحد بالإقرار. فإن عدل عن إقراره، أو هرب وجب تنفيذ إجراءات التنفيذ، وعرض الأوراق على المحكمة التي أصدرت الحكم لتقرير ما تراه”، وأما العقوبات التعزيرية فلا يجوز الرجوع عن الإقرار فيها طبقًا للأصل العام.

قواعد خاصة باعتراف المدعى عليه بجريمة تهريب حبوب مخدرة

في حالة تحققت الشروط الآتية:

  1. رجوع المدعى  عليه بتهريب حبوب مخدرة عن اعترافه، ولم يأتي في اعترافه المصدق عدد الحبوب.
  2. ولم يرد في محضر القبض خروج المهربات من سيارته وعدها بحضوره.
  3. ولم تكن له سوابق، وكانت هذه الحبوب قليلة نسبيًا.

فكل ذلك موجب لعدم القتل وذلك وفقًا لما جاء في مبادئ وقرارات المحكمة العليا، مع الأخذ بالاعتبار أن ذلك لا يعني عدم تعزيره، ولكن يكون للدائرة القضائية سلطة التعزير بما يتناسب مع الجرم المثبت.

أما ما يخص الحالات المشابهة بحيازة أنواع معينة من الأدوية المخدرة -قليلة الكمية-، فأنصحك بالاطلاع على هذا المقال: عقوبة حيازة حبوب ليريكا في السعودية

 الاعتراف عند القاضي في قضايا المخدرات

الاعتراف عن القاضي يسمى نظامًا بالإقرار القضائي، فهو الذي يصدر أمام المحكمة وذلك إذا كان الاعتراف في واقعة تم توجيه الاتهام فيها لكم، وهو يعد من أقوى أدلة الإثبات، فهو حجة قاطعة على المقر، فللقاضي أن يحكم بناءً على إقرارك القضائي فقط وذلك إذا توافرت شروطه النظامية.

اجراءات قضايا المخدرات

التحقيق بقضايا المخدرات له عدة مراحل:

إجراءات قضايا المخدرات

المرحلة الأولى- هي خاصة برجال الضبط القضائي:

فهم يقبلون البلاغات والشكاوى التي ترد إليهم، فيكون لهم أن يسألوا من نسب إليه هذه الجريمة ويثبتوا ذلك في محاضرهم ويجمعوا المعلومات الخاصة بالدعوى، فيستمعوا إلى من لديه معلومات عن جرائم المخدرات ومرتكبيها

كما يجب أن ينتقل رجل الضبط القضائي لمكان الحادث للقيام بالمحافظة عليه، وكذلك يقوم بضبط جميع ما يتعلق بالجريمة ويحافظ على أدلة هذه الجريمة، ولهم الاستعانة بأهل الخبرة من أطباء وغيرهم ويطلبوا رأيهم كتابةً، فيقوموا بجميع ما يتطلبه الحال من إجراءات، استنادًا إلى نظام الإجراءات في المواد (27، 28) منه.

ويكون كذلك لمديري مكافحة المخدرات وضباطها وضباط الصف القيام البحث عن الجرائم وعن مرتكبيها وجمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق في هذه الجرائم وضبط المواد المشتبه بها وتحريزها. 

ولمعرفة حدود التعامل مع رجال الضبط ومتى قد تُتهم بالمقاومة، راجع هذا المقال: مقاومة رجال مكافحة المخدرات

المرحلة الثانية- مرحلة النيابة العامة:

يحال المتهم من رجال الضبط إلى النيابة للتحقيق معه، ويدون المحقق جميع البيانات الشخصية الخاصة بالمتهم ويبلغ المتهم بالتهمة المنسوبة عليه، وللمحقق في سبيل إظهار الحقيقة أن يسمع من يرى أن السماع لشهادته مؤثر بالدعوى، وله أن يواجه المتهم بغيره من الشهود أو من المتهمين، وعليه أن يستمع إلى أقوال من يطلب الخصوم السماع إلى أقوالهم إلا إذا لم ير الفائدة من سماعها، ويوقع المتهم على أقواله بعد تلاوتها عليه.

وبعد أن تنتهي النيابة من التحقيق، فلا يخرج الحال عن اتجاهين:

1- إذا وجدت إن الأدلة غير كافية، أو لا توجد مصلحة عامة لإقامته، فتقوم بحفظ الاتهام ويتم إطلاق المدعى عليه، 

2- أما إن رأت وجاهة أن تقوم برفع الدعوى العامة، فتقوم بإحالة كامل المعاملة وبرفقها لائحة الدعوى إلى المحكمة الجزائية، وذلك طبقًا لنص المادة الخامسة عشر من نظام الإجراءات الجزائية.

المرحلة الثالثة- هي مرحلة المحاكمة؛

تختص المحكمة الجزائية بالفصل في جميع القضايا الجزائية، وعند عدم وجود محكمة جزائية بالبلد فيكون الاختصاص للمحكمة العامة. المستند النظامي لهذا الاختصاص: هو المادة (128) والمادة (129) من نظام الإجراءات الجزائية.

وأما بالنسبة للاختصاص المكاني فهو إما مكان وقوع الجريمة إما المكان الذي يقيم فيه المتهم وإن لم يكن له مكان إقامة معروف فيتحدد الاختصاص بالمكان الذي يقبض فيه،  ومكان الجريمة المقصود هنا هو المكان الذي وقع فيه فعل من أفعالها أو ترك فعل -يتعين القيام به- حصل بسبب تركه ضرر جسدي.

يجب الإشارة إلى أن: هناك دليل إجرائي خاص بقضايا المخدرات [اضغط للتحميل]، قد حددت فيه إجراءات جهة الضبط والاستدلال وإجراءات التحقيق في قضايا محددة خطوة بخطوة، من هذه القضايا: (قضايا شرب المسكر وحيازته- قضايا حيازة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بقصد التعاطي- قضايا حيازة مواد مخدرة ومؤثرات عقلية داخل السجن بقصد التعاطي-قضايا حيازة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية داخل السجن- قضايا حيازة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية لغير قصد(الحيازة المجردة) -قضايا حيازة القات بقصد التعاطي). ويفيدك في هذا الشأن الاطلاع على مقالين: [عقوبة الحيازة المجردة للمخدرات و [عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي].

كيف يتم التحقيق في قضايا المخدرات؟

يتم التحقيق في قضايا حيازة المخدرات أولًا عبر رجال الضبط القضائي بجمع الأدلة وضبط المواد وتحريزها.

ثم تُحال القضية للنيابة العامة التي تحقق مع المتهم وتقرر حفظ الدعوى أو إحالتها للمحكمة. وأخيرًا تُعرض القضية على المحكمة الجزائية المختصة للفصل فيها حسب مكان الجريمة أو إقامة المتهم، حسب التفصيل المذكور أعلاه.

هل يمكن توقيف المتهم في قضايا المخدرات؟

نعم، يمكن توقيف المتهم في قضايا المخدرات في الجرائم التي تزيد مدة العقوبة فيها عن عامين، حيث إنها تعد من الجرائم الموجبة للتوقيف بنص النظام، فقد نصت المادة الأولى من اللائحة التنفيذية من لائحة الإجراءات الجزائية على ما يلي: “يقصد بالمصطلحات والعبارات الآتية – أينما وردت في هذه اللائحة – المعاني المبينة أمامها، ما لم يقتض السياق خلاف ذلك: …الجرائم الكبيرة : الجرائم الموجبة للتوقيف بموجب المادة (الثانية عشرة بعد المائة) من النظام”، وقد جاء في نص المادة الثانية عشرة بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية على ما يلي: “يحدد النائب العام – بعد الاتفاق مع وزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة – ما يعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، وينشر ذلك في الجريدة الرسمية “.

وقد جاء تحديد هذه الجرائم الكبيرة بموجب قرار رقم ( 1900 ) وتاريخ 9 / 7 / 1428هـ الصادر من وزير الداخلية، فجاء فيها ما يلي: “إن وزير الداخلية بناءً على الصلاحيات الممنوحة له بموجب المادة الثانية عشرة بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على أن (يحدد وزير الداخلية – بناءً على توصية رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام – ما يعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف ) وبعد الاطلاع على ما عرضه رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام.

يقرر ما يلي : أولاً . . الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف هي :…قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية، أو الأسلحة والذخائر ، أو تزييف أو تقليد النقود ، أو التزوير ، أو الرشوة أو انتحال صفة رجل السلطة العامة ، أو غسل الأموال. المعاقب على أي منها نظاماً بسجن يزيد عن سنتين. وتجدر الإشارة إلى أنه تحسب المدة التي أمضاها المحكوم عليه موقوفًا  بسبب القضية التي حكم بها عليه قبل الحكم من مدة السجن المحكوم بها عند تنفيذها

هل يوجد كفالة في قضايا المخدرات؟

نعم، يجوز للمتهم في قضايا المخدرات أن يطلب أن يخرج بكفالة، وقد بينا حالة لا يتم السماح له فيها بالخروج بكفالة، وكذلك كيفية إتمام اجراءات الكفالة للموقوف.

الاعتراف في قضايا المخدرات ليس دليلًا قاطعًا دائمًا، بل تحكمه ضوابط دقيقة وظروف القضية. سواء كان الإقرار قضائيًا أو غير قضائي، يجب التأكد من توافر الشروط النظامية ليُؤخذ به، مع مراعاة إمكانية الرجوع عنه في حالات محددة كقضايا الحدود.

مقالات ذات صلة:

مقال: عقوبة حيازة حبوب ليريكا في السعوديةمقال: عقوبة التستر على متعاطي المخدرات
مقال: عقوبة حيازة الخمر في السعوديةمقال: أول سابقة مخدرات عسكري 
مقال: 4 مهارات أساسية تميز أي محامي جنائي ناجحمقال: مكتب محاماة متخصص في قضايا الجرائم: دليل شامل للحماية القانونية
مقال: محامي جنائي بجدة: ملاذ قانوني يحمي حقوقك ويناضل عن حريتكمقال: محامي جدة الأكثر ثقة والأعلى تقييمًا
مقال: جامع نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية

Leave A Comment